الاثنين، 17 مارس 2014

أبسط من البساطة

الحياة أبسط من الشجار ، أبسط من الخلاف بسبب الاختلاف ، أبسط من الحرب ، أبسط من الدمار ، أبسط من القتل ، أبسط من التخوين ، أبسط من التكفير ، أبسط من العراك ، أبسط من الحزن ، أبسط من الخيانة ، الحياة بسيطة لدرجة أنها أبسط من ذاتها.. لماذا نعقد الأمور في عالمنا ؟ لماذا نتعارك على السلطة ؟ لماذا و ألف لماذا !
الليل كرهنا ، الطيور كرهتنا ، الحياة كرهتنا ، كل ما سخر ليخدمنا كرهنا و يتمنى زوالنا ، أرى رجل النظافة يحملنا نحن و جيراننا من هذا الكوكب ليضعنا في مزبلة مليئة بالزحام ، الإزعاج ، الدم.. و الغريب أننا كنا فرحين جداً ، هل ﻷن هذا المكان هو مكاننا الأصلي ؟ هل ﻷننا خلقنا من أجله ؟ أم أنه هو الذي خلق من أجلنا.. أسئلة كثيرة صحت لكي أعرف إجابتها ، رد علي رجل النظافة قائلاً : "لا تسأل كثيراً ، هذا وضعكم و عليكم ان تتقبلوه ، لو علي أنا لما فعلت ذلك ، لكنكم أجبرتموني ، الآن أدخل و أنت ساكت" ، تعجبت كثيراً من الرد ، لزمت الصمت.. فوجدته يضحك ضحكة تخبئ الكثير من الدموع ، ففهمت ضحكته و حاولت الضحك مثلها لكنني لم أستطع أن أخبئ الدموع ، و لم أستطع أن أضحك ، فكان المشهد أقرب إلى البكاء النابع من الهم ، هم ساخر..
لا أحد فينا يمتلك الحق ، فليس علينا أن ندعي بأنه معنا ، لن نستفيد شئ ، ستأخذنا حماسة المعركة ، و اكتشافنا لكمية الخسائر بعدها قد تكون قاتلة أكثر من القتل في المعركة نفسها !
أمشي في شارع خال من البشر ، أدمع على حالكم جميعاً ، و على حالي أنا أيضاً ، فأنا لا أختلف عنكم شئ ، أنا مثلكم.. لا أملك الحق ، أدعي الفضيلة ، كل شئ تفعلوه أفعله ، لست مصلحا و لست عالماً و لا ناقدا ولا أي شئ..
أنا الذي تولدت من اللاشئ لأحاول أن أفعل شئ ، قد يرى البعض أنني تافه ، فاشل ، حقير ، ساذج أو أيما كانت الصفة السيئة التي يصفونني بها ، لكن أنا حقاً لا أهتم بذلك و أدعوك أن لا تهتم مثلي ، ليس لأنهم أوغاد يتحاملون عليك و أنت البطل الخارق الملاك الطيب الطموح كما يقول بعض من يدعون أنهم فلاسفة كبار ، بل لأن الحياة -كما عرفتها- أبسط من البساطة.
نصيحة : الحياة قصيرة جداً ، لا تستحق حقدا ولا حسدا ولا نفاق ، غداً سنكون ذكرى.. فقط ابتسموا وسامحوا من أساء إليكم ، فالجنة تحتاج إلى قلوب نقية !

________________________________

تم نشر المقال في جريدة الجريدة الكويتية بتاريخ 17 مارس 2014 كما نشرت في صحيفة آل مكتوم الإماراتية بتاريخ 12 أبريل 2014.

لرؤية المقال على موقع جريدة الريدة أضغط هنا.
لرؤية المقال في صحيفة آل مكتوم أضغط هنا.

إيهاب ممدوح
@Ehab_M_M

السبت، 15 مارس 2014

باسم يوسف و الآلهة



لا اعرف، ولكني كلما رأيت شخصا معجبا بشيء أو محبا لشيء لدرجة تفوق أعلى درجات الاعجاب والحب والعشق، اشعر بأن هذا الشخص يعبد مع الله إلها آخر.. حتى لو لم يعلنها صريحة!
فهنالك بعض الاشخاص الذين يمجدون انسانا لدرجة تفوق الوصف، يتكلمون عن انسان عادي ويمجدونه، ويذكرون تاريخه، وربما لا يفعلون ذلك مع سيرة الرسول محمد، صلى الله عليه وسلم، او مع رسول دينهم عامة، يشجعون نادياً او كيانا وولاؤهم له يتعدى كل الحدود ويتعصبون له حتى الموت، وربما لم ينل دينهم منهم ثمن هذا الولاء وخمس هذه العصبية، واقصد هنا العصبية المستحقة التي تدافع وتناقش وتحمي وليست العصبية العمياء التي تدمر وتهدم.
عاد باسم يوسف الى الظهور بعد غياب طويل، انتقد العديد من الاشخاص الذين ينتمون الى العديد من التيارات والافكار، والكيانات، او يمكننا القول عنهم الآلهة الذين سبق القول عنهم في اول المقال، بعد انتهاء الحلقة من هنا انقلبت مواقع التواصل الاجتماعي، فمن يؤيد الجيش يسب باسم ومن ينتمي للاخوان يلعن باسم، ومن يشجع الزمالك يشتم باسم بأمه، ومن يعجب بغادة عبدالرازق يقول عن باسم «سفيه»، ومن يرى توفيق عكاشة مفجر الثورة قال عنه «طابور خامس»، ومن يحب شريف مدكور، آسف نسيت ان شريف مدكور ليس له محبون!
المهم ان كلا من عابدي الآلهة.. الذين صنعوها لأنفسهم، دافعوا عنهم عن طريق سبّ باسم، وهذا ليس حلاً.
أولاً يجب ان نعود للوراء ونعرف لماذا يمجد الناس بشرا عاديين أو كيانات لا تضر او تنفع؟ ولماذا يضعونهم في خانة الآلهة؟ على الرغم من انهم بشر يحتملون الخطأ قبل الصواب، ثانياً: لماذا لا توجد روح الفكاهة بيننا، حين يعاب على من نحب بينما تكون موجودة بيننا، وبكثرة، حين يعاب على من نكره؟!
ثالثاً هذا برنامج ليس اجباري المشاهدة. لم يعجبك؟ اذا فأنت تمتلك الحرية التامة في تغيير القناة أو اغلاق التلفاز.
انا زملكاوي واحب ذكاء الجيش واحب اصرار الاخوان.. حتى لو لم يجدِ بنفع، واحب مسلسلات غادة عبدالرازق، واعشق توفيق عكاشة مفجر الكوميديا في مصر، ولكنني لا اطيق شريف مدكور.. وهذا امر طبيعي.
لم احزن من باسم حين سخر من اي احد من هؤلاء، بل اتخذت الموضوع بصدر رحب جداً.. فمن يريد ان يتعب نفسه ليثبت ان باسم حقير، كاذب، طابور خامس، إلخ... لن ينجح في اثبات اي شيء!
كل ما سينجح فيه هو ان يميت نفسه من الغيظ وببطء.
____________________________

تم نشر هذا المقال في جريدة القبس الكويتية في 2014/1/9.
لرؤية المقال على موقع جريدة القبس الكويتية أضغط هنا.

إيهاب ممدوح
@Ehab_M_M

هو السيسي ممكن يبقى رئيس مصر ؟

( هو السيسي ممكن يبقى رئيس مصر ؟ ) سؤال سأله لي أخي الصغير لكنني لم أجيب ، فقد فضلت الصمت و عدم الرد ، فكرت كثيرا في إجابة للسؤال و ليس فقط في إجابة بل فكرت ما إذا حدث و أصبح رئيسا لمصر ، ماذا سيحدث ؟ هل ستظل مكانته في قلوبنا أم ستقل أو تزيد ؟ .. أسئلة كثيرة لم أجد لها جواب لفترة طويلة .. حتى أكتشفت شئ .. أكتشفت أنني أتمنى أن لا أتمنى !كأي مواطن مصري .. أتمنى أن تكون بلدي أفضل ، يسود فيها الأمن و يكون التقدم هو هدفها في جميع المجالات ، كأي مواطن مصري .. أتمنى أن تطبق قوانين الدستور -الذي أؤكد بضرورة أن ننزل جميعا في الاستفتاء لنقول نعم عليه- و إقامة إنتخابات البرلمان و الرئاسة ، و لي الكثير من الأمنيات التي لا تنتهي من أجل وطن أفضل ، و لكنني أضع كل هذه الأمنيات على يد ، و لي أمنية وحيدة سأضعها على يد أخرى ، و هذه الأمنية هي عدم ترشح الفريق السيسي للإنتخابات ، ليس لأنه سئ لا سمح الله أو لأنني لا أريده ﻷي سبب شخصي أو ﻷنه لا يملك مقومات رئيس الجمهورية ، كل هذه الأشياء بعيدة كل البعد عن تفكيري .. و لكن ما أريد قوله أن السيسي تملك قلوب المصريين حين أنقذهم من حكم الفاشية باسم الدين في ثورة الثلاثين من يونيو ، أصبح قائداً للمصريين و صار بطلاً شعبياً لا يستطيع أحد منافسته في عشق المصريينله ، و لا شك أن السيسي لو ترشح للرئاسة سيفوز من أول جولة بإكتساح ، و لكن هنا لن يكون مطلوب من السيسي حماية مصر و المصريين فقط كما كان مطلوب منه عندما كان وزيرا للدفاع ، بل مطلوب منه أيضاً أن يوفر الغذاء و الصحة و التعلبم و العديد من الأشياء التي لا نستطيع أن ننكر إنها في قمة فشلها و سؤها حالياً في مصر ، إذا أستطاع السيسي حينها أن يصلح حال هذه الأشياء و ينفذ للناس مطالبها سيزداد حبه في قلوب المصريين و لكن و إذا لم يستطع فسيقل حبه و ربما يتحول إلى كراهية فيما بعد ، و هنا أتذكر أحد كتابات د.أحمد خالد توفيق في إحدى رواياته عندما رفضت بطلة الرواية الزواج من صديقها الصدوق بقولها : ” لن أتصل به بهذه البساطة أطلب رأيه.. لن آتي لمكتبه بهذه التلقائية.. لن أكلم أمي عنه ببراءة.. كل شئ سوف يتغير.. الخطبة و مشاداتها التي لا تتوقف.. إنه في نفسي أروع من هذا و أهم.. الزواج و الخلافات و الزوج الغاضب الذي يقف بالمنامة غير حليق الذقن حافي القدمين على باب الحمام ينتظر دوره.. لا .. هو أسمى من هذا.. إنني أحترمك كثيراً لهذا أخترت لك دورا أفضل.. دع هذه الأدوار السخيفة لشباب أصغر منك سنا و أقل منك مهابة.. أرجوك” ، نفس الكلام ينطبق على السيسي و الرئاسة .. فلماذا يضع السيسي نفسه في هذا الموقف ؟ و لماذا يبدأ من الصفر في كسب حب الناس بعد أن أحبوه حبا ليس له نهاية ؟ فإذا أتى رئيس غير السيسي و ضايق الشعب سنشتكي للسيسي بينما إذ أتى السيسي رئيسا و ضايقنا بسؤ نية أو بحسنها -مع أنني لا أفترض الأولى كثيراً و لكن كل شئ ممكن !- فلمن نشتكي ؟! ، أخاف أن يصبح السيسي رئيساً فيفسده كرسي السلطة كما أفسد الكثيرين ممن قبله ، و أريده أن يفهم أنه أكبر من أي رئيس و اهم من أي سلطة عندنا ، فهو حتى الآن بطلنا ، أما بعد الرئاسة فيا خوفي من تغير كل شئ ، أكتشفت أنني أتمنى أن لا اتمنى في يوم رحيل السيسي و سجنه كما حدث مع رؤساء سابقين .. و لأنه ليس مثلهم فأتمنى أن لا أتمنى ذلك ، كما أتمنى أيضاً -و آسف على كثرة أمنياتي .. استحملوني- ألا يكون كل كلامي هذا تحت قاعدة الفنان أحمد مكي في مسلسل الكبير أوي عندما قال : “كلها طموحات و أماني !”.

__________________________________________________

تم نشر المقالة في جريدة صفحة جديدة المصرية الإلكترونية في 2014/1/16.
لرؤية المقال على موقع جريدة صفحة جديدة أضغط هنا.

إيهاب ممدوح
@Ehab_M_M

تذكر

يجلس أمام التلفاز يرى بلده يحترق.. لا يستطيع فعل شيء سوى الدعاء له.. فهو يعيش في إحدى الدول الخليجية ولا يستطيع مساعدة بلده أو الذهاب إليه في هذه الأحداث.. حتى لو كان هناك! ماذا سيفعل؟.. ذهب أو جاء هو فقط إنسان مصري مسلم فقير لا يملك بيده أي شيء.. لا يعلم أين الحق وأين الباطل.. تائه كالأعمى الذي يمشي في وسط الضباب الشديد.. بعد أن تناول إفطاره ذهب إلى عمله.. جميع أصدقائه من متنوعي الجنسيات يتكلمون في السياسة وأخبار مصر بلده.. يحاول أن يتجنب الكل لحزنه على بلده.. بعدما انتهى من عمله وفي طريق عودته إلى البيت كان يدعو لبلده بالخير والأمان والسلام.. وصل إلى بيته وقام بفتح قناة الجزيرة.. يا للهول! ما كل هذه الإصابات، وما كل هذا القتل والدم والسفك؟ شعر بأنه كان على باطل وأن الإخوان معهم الحق.. عاطفته على هؤلاء القتلى تملكته بشدة.. «اللعنة على هذه الحكومة الانقلابية» بعصبية شديدة قالها.. الدموع بدأت تنزل من عينيه حباً لإخوته المصريين المقتولين هناك.. 200 شهيد و1000 إصابة.. 1000 شهيد و30000 إصابة.. خبران متتاليان في 3 دقائق فقط.. لاحظ وتعجب.. هل هذا حقيقي.. هل هم يقتلون في لعبة بلاستيشن؟ ولكن لا.. لا بد أنهم على صواب، إنهم يدافعون عن الدين ويقتلون من دون ذنب.. «قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلَا تَتَفَكَّرُونَ»، نعم، إنه القرآن الآتي من الشقة المجاورة له الذي يبدأ كل يوم الآيات ولكن اليوم جذبته بشكل خاص.. أغلق التلفاز وبدا يفكر.. «الإخوان معهم الحق.. هذا ليس ممكناً، هذا أكيد».. يتفكر كما قلنا وعاطفته مسيطرة عليه بشكل كلي.. ولكنه وهو يتفكر تذكر.. نعم تذكر دموع أم محمد كريستي الذي سال دمه بسبب الإخوان في عصر مرسي ولم يؤت بحقه.. مرت من أمام عينيه جنازة جيكا هذه الجنازة الكبيرة الشاسعة التي لا حدود لها.. تذكر صورة الحسيني أبو ضيف التي ملأت مواقع التواصل الاجتماعي.. تذكر صراخ أمهات الستة عشر شهيداً في حادث رفح الإرهابي الذي لم يحضره مرسي لأنه لا يريد أن يقتل القتيل ويمشي في جنازته، عنده أخلاق أو ما تبقى منها،.. سنسحقهم... قاطعة هذا الصوت الغليط الذي يعلمه جيداً.. طبيعي.. إنه صوت القاتل الإرهابي طارق الرمز.. تذكر... فابتسم ومضى!

______________________________

تم نشر هذه القصة القصيرة في جريدة القبس الكويتية في 2013/10/24.
لرؤية القصة القصيرة على موقع جريدة القبس أضغط هنا.



إيهاب ممدوح
@Ehab_M_M

مستقبل مشرق

يأتي مرشحو الانتخابات الرئاسية في كل مرة - سواء كانت مؤتمرا او لقاء تلفزيونيا - ليعرضوا ما لديهم من مشاريع وافكار ومخططات لتحسين البلاد والارتقاء بها الى اعلى المراتب، كل هذه المشاريع وكل هذه الجمل التي تصف تلك المشاريع لا تتعدى موضوع تعبير عن «مستقبل الأمة المشرق»، لطالب في السادس الابتدائي، الكل يملكون أفكاراً جهنمية لتغيير حال البلد من العسر الى اليسر، ومن التخلف الى التقدم. الكل لديهم مشاريع تحت أسامٍ وشعارات، نحن في غنى عن ذكرها - حتى نجتنب الملل - خلال مؤتمرات المرشحين في بلاد الفلاحين، للدعاية لأنفسهم ولحملاتهم النهضوية - كما يقولون - يظهر في الصورة بعض الفلاحين «الغلابة» بأسئلة طيبة كطيبتهم الريفية المعهودة، على الرغم ان الكثير الكثير يقول انها سذاجة، الا ان التعالي عن هذا القول الساذج كما يقولونه يكون افضل، يجاوب المرشح بإجابات نموذجية يبدأها بــ «أكيد، طبعا» زائد بعض الجمل العميقة من «السكريبت» الموضوع امامه، واذا احب ان يتذاكى فيقول: ضع هذا المقترح في مخططنا الانتخابي يا مدحت - ولا تسألني من مدحت! - يعود المرشح ذو النظرة الثاقبة المستقبلية الى سياق الحوار، ويقول «كل حاجة هتتعمل زي ما انت عايز» بكل ثقة مع ابتسامة خفيفة، يصدّق الفلاح، ويسلم بما قال المرشح الذي سينفذ ما يريده الفلاح، ويسلم ايضا كل الفلاحين المستمعين لهذا الحوار بطيبتهم الزائدة! بعد الانتخابات يفوز المرشح الاكثر قولا لكلمة «زي ما انت عايز»، ولكنه للاسف يفعل عكس كل كلامه ولا يحقق وعوده التي هي في الأصل كاذبة، في الفترة المقبلة لا استطيع ان ارى قائداً لمصر ضمن الأوجه المرشحة للرئاسة، فهل سيكون كل المرشحين من نوعية «زي ما انت عايز»، لنعود بعدها الى اعادة سيناريو الثورة مستمرة؟ سؤال يجب ان نضع امامه مائة علامة استفهام، وللاسف اعلم انه لن توجد اجابة لهذا السؤال، حتى انتهاء هذه المرحلة المجهولة! والى حين دخولنا مرحلة جديدة واضحة الملامح، لا نملك الا ان ندعو بالخير لبلدنا الحبيب والدعاء على امثال «زي ما انت عايز»، عسى ان يخلصنا الله منهم الى الأبد.

____________________

مقالة نشرت لإيهاب ممدوح في جريدة القبس الكويتية في 2013/11/7.
لرؤية المقال على موقع جريدة القبس الكويتية أضغط هنا.

إيهاب ممدوح
@Ehab_M_M

العم أيوبي

الأمل مازال موجودا، هكذا كان يقول دائما عم أيوبي، الذي كان يرمقني بنظرة طفل يبدو عليه البلاهة على الرغم من كبر سنه، إلا أنه ينشغل بإطعام قطة أو اللعب بالبالونات المليئة بالهيليوم الملقاة في الشوارع أكثر من انشغاله بان كان يلبس بنطاله بالشقلوب أم لا. اضحك يا بني ولا تحمل الهم فوق اكتافك! حكمة عظيمة من طفل عظيم اقصد من رجل عظيم.
لقائي بعم ايوبي يكون كل يوم صباحاً قبل الذهاب الى المدرسة، فأنا انتظر السيارة التي توصلني الى المدرسة عند ناصية عم ايوبي، حقاً هي ساحة مطعم شعبي قديم تحت بيتنا ولكن بسبب جلوس عم ايوبي هناك لمدة تفوق الخمسين عاما يومياً سميت بناصية عم أيوبي.
عم ايوبي رجل منحني الظهر، شائب الشعر أكثر من شيبة الشائب في أوراق الكوتشينه، قليل الحركة، يتميز بأنه لا يتميز بأي شيء على الإطلاق، شفتاه متهدلتان وصفا أسنانه يكادان ألا يكونا موجودين، وما تبقى منهما قد لا نستطيع عده على أصابع اليد، لا استطيع التخلص من هذا الشعور اللعين بأنني أكلم مومياء حية يوميا.
صباح الخير.. هكذا قلتها لعم أيوبي في صباح أول يوم في الامتحانات البغيضة!
صباح الأمل.. هذا هو رده علي بابتسامة تحملها براءة طفولية.
كيف حالك يا بني، سألني عم أيوبي.
رددت قائلا: لست بخير، في الواقع أنا متعب جداً!
سألني بلهفة: لماذا؟
قلت باستهتار: امتحانات، يكفيك الله شرها.
رد علي مغنيا: والله ما مستاهلة، الحياة سهلة!
لا أملك الوقت لكي اكمل كلامي مع هذا الطفل الكبير، فأنا عندي امتحان احياء وهي من أكثر المواد التي تحتاج الى تركيز حتى أتذكر كل شيء فيها.. سأتجاهله!
قربت الامتحانات على الانتهاء، ومن بعد ذلك اليوم لم أر عم أيوبي!
دخلت أسأل عليه طباخي المطعم، لا أحد يعرف عنه شيئا وكانت إجابة أحدهم: عم أيوبي لم يأت من قرابة أسبوع أعتقد انه آخر مرة جاء فيها كانت توافق يوم الاحد السابق.
بعد السؤال هنا وهناك على عم أيوبي الملاك، اكتشفت ان هذا الرجل الذي يأتي إلى حارتنا كل يوم لمدة خمسين عاما وأكثر وسميت ساحة باسمه لا يعلم أحد أين مأواه وأين مسكنه!
والله ما مستاهلة، الحياة سهلة.. كلمات عم أيوبي تتردد في أذني، تبا لا استطيع التخلص من صوته الذي يشعرني بالذنب لسوء معاملتي له! بحثت عنه في كل الحواري والارجاء المجاورة، «عم أيوبي يا عم ايوبي انا اسف يا عم أيوبي، عم ايوبي أين أنت؟» ولكني لم أجد ردا غير هذا الرد «والله ما مستاهلة، الحياة سهلة!».
_________________________________
قصة قصيرة نشرت لإيهاب ممدوح في جريدة القبس الكويتية في  2013/11/28.
لرؤية القصة القصيرة على موقع جريدة القبس أضغط هنا .
إيهاب ممدوح
@Ehab_M_M

عمل خيري

أناشد كل زملائي في كل مدارس وجامعات الكويت بأن يقوموا ببداية العام الجديد بعمل خيري جماعي أو فردي، سواء سيكون هذا العمل الخيري داخل الكويت أو خارجها في الوطن العربي أو أفريقيا وبلادها الفقيرة، و لا يقتصر العمل الخيري على التبرع للأشخاص أو للدول بل أيضا يكون في السلوكيات والتصرفات... فكلمة خيري آتية من كلمة خير... فالخير هو أساس كل شيء، كم أتمنى أن يأتي علينا العام الجديد بالأخبار السعيدة من الأعمال تطوعية والرحلات للمستشفيات والمشاريع الخيرية المتنوعة المتجددة، لا أريد أن أسمع عن حادثة لشباب طائش هنا أو جريمة قتل لطلبة جامعة هناك أو حتى مشاجرات بين طلاب المدارس، العمل الخيري هو طريقنا إلى الخير وهو ما سيجعلنا نستطيع أن ننهض بالكويت ونعيد لوطننا العربي هيبته، ربما يستهين البعض بالكلام ولكن إن طبق كل شخص عملا خيريا في شخصيته وعلاقته مع أهله وأقاربه وأصدقائه وحياته العملية لأصبح حالنا أفضل كثيرا وتذكروا دائما قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِم) ْ[الرعد:11]، أطلب منكم يا طلاب العلم في كل مكان في الكويت أن تعملوا الخير ولا تنتظروا المقابل فالمقابل عند الله عز و جل، وطلبي هذا لا بد أن ينفذ لأنه ليس شيئا اختياريا نفعله إذا أردنا ولا نفعله إذا لم نرد فعله، كلا يا أعزائي كلا... هو واجب إجباري لنا نحو وطننا إن لم نفعله اليوم فلا وجود لنا في الغد... أتمنى أن تكون وصلت رسالتي وأن يكون عام 2014 هو عام سعيد على كل سكان الكويت من أهليها ووافديها ويكون عاما مليئا بالعمل الخيري وعام الخير للكويت وأبنائها.

_____________________________________

مقالة كتبتها بصفتي الطلابية و نشرت في جريدة الراي الكويتية في 2014/1/4.
لرؤية المقال على موقع جريدة الراي أضغط هنا.

إيهاب ممدوح
@Ehab_M_M