السبت، 15 مارس 2014

تذكر

يجلس أمام التلفاز يرى بلده يحترق.. لا يستطيع فعل شيء سوى الدعاء له.. فهو يعيش في إحدى الدول الخليجية ولا يستطيع مساعدة بلده أو الذهاب إليه في هذه الأحداث.. حتى لو كان هناك! ماذا سيفعل؟.. ذهب أو جاء هو فقط إنسان مصري مسلم فقير لا يملك بيده أي شيء.. لا يعلم أين الحق وأين الباطل.. تائه كالأعمى الذي يمشي في وسط الضباب الشديد.. بعد أن تناول إفطاره ذهب إلى عمله.. جميع أصدقائه من متنوعي الجنسيات يتكلمون في السياسة وأخبار مصر بلده.. يحاول أن يتجنب الكل لحزنه على بلده.. بعدما انتهى من عمله وفي طريق عودته إلى البيت كان يدعو لبلده بالخير والأمان والسلام.. وصل إلى بيته وقام بفتح قناة الجزيرة.. يا للهول! ما كل هذه الإصابات، وما كل هذا القتل والدم والسفك؟ شعر بأنه كان على باطل وأن الإخوان معهم الحق.. عاطفته على هؤلاء القتلى تملكته بشدة.. «اللعنة على هذه الحكومة الانقلابية» بعصبية شديدة قالها.. الدموع بدأت تنزل من عينيه حباً لإخوته المصريين المقتولين هناك.. 200 شهيد و1000 إصابة.. 1000 شهيد و30000 إصابة.. خبران متتاليان في 3 دقائق فقط.. لاحظ وتعجب.. هل هذا حقيقي.. هل هم يقتلون في لعبة بلاستيشن؟ ولكن لا.. لا بد أنهم على صواب، إنهم يدافعون عن الدين ويقتلون من دون ذنب.. «قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلَا تَتَفَكَّرُونَ»، نعم، إنه القرآن الآتي من الشقة المجاورة له الذي يبدأ كل يوم الآيات ولكن اليوم جذبته بشكل خاص.. أغلق التلفاز وبدا يفكر.. «الإخوان معهم الحق.. هذا ليس ممكناً، هذا أكيد».. يتفكر كما قلنا وعاطفته مسيطرة عليه بشكل كلي.. ولكنه وهو يتفكر تذكر.. نعم تذكر دموع أم محمد كريستي الذي سال دمه بسبب الإخوان في عصر مرسي ولم يؤت بحقه.. مرت من أمام عينيه جنازة جيكا هذه الجنازة الكبيرة الشاسعة التي لا حدود لها.. تذكر صورة الحسيني أبو ضيف التي ملأت مواقع التواصل الاجتماعي.. تذكر صراخ أمهات الستة عشر شهيداً في حادث رفح الإرهابي الذي لم يحضره مرسي لأنه لا يريد أن يقتل القتيل ويمشي في جنازته، عنده أخلاق أو ما تبقى منها،.. سنسحقهم... قاطعة هذا الصوت الغليط الذي يعلمه جيداً.. طبيعي.. إنه صوت القاتل الإرهابي طارق الرمز.. تذكر... فابتسم ومضى!

______________________________

تم نشر هذه القصة القصيرة في جريدة القبس الكويتية في 2013/10/24.
لرؤية القصة القصيرة على موقع جريدة القبس أضغط هنا.



إيهاب ممدوح
@Ehab_M_M

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق